
بقلم : اللواء صبرى الجمال مساعد وزير الداخلية الأسبق
سؤال وجواب بعيدا عن الشائعات
= أثيرت في الساعات الأخيرة أقاويل وتفسيرات عديدة حول بدء تطبيق قانون الإيجار القديم فى الأول من أغسطس 2025، على الرغم من عدم إصداره حتى الآن من الرئيس عبدالفتاح السيسي، بحجة مرور 30 يوما على موافقة مجلس النواب عليه بشكل نهائي.
= وعلى ضوء أحكام الدستور والقانون والسوابق التشريعية
نحاول الإجابة .
هل يعني تاريخ الأول من أغسطس أي شيء بالنسبة لقانون الإيجار القديم والبدء في تطبيقه؟
– لا. ولا صحة على الإطلاق لأي معلومات ترددت عن بدء تطبيق القانون اليوم، فهو مازال مشروعا أقره مجلس النواب، ولم يتحول إلى قانون حتى الآن.
متى يتحول مشروع قانون الإيجار القديم إلى قانون واجب التطبيق؟
– لقد وافق مجلس النواب نهائيا على مشروع القانون يوم 2 يوليو الماضي.
– ولكن لم نعرف تاريخ إرسال المشروع إلى رئيس الجمهورية وإبلاغه به..
والمادة 123 من الدستور تحتسب فترة الـ30 يوما التي من الممكن أن يعترض فيها رئيس الجمهورية على مشروع القانون، من تاريخ إبلاغه به وليس من تاريخ موافقة مجلس النواب نهائيا عليه.
تنص المادة 123 من الدستور على أن “لرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها. وإذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس النواب، رده إليه خلال ثلاثين يوماً من إبلاغ المجلس إياه، فإذا لم يرد مشروع القانون في هذا الميعاد اعتبر قانوناً وأصدر. وإذا رد في الميعاد المتقدم إلى المجلس، وأقره ثانية بأغلبية ثلثي أعضائه، اعتبر قانوناً وأصدر”.
= وهذا يعني أنه لا يوجد أي أثر مترتب على مرور 30 يوما على مجرد إقرار المشروع في مجلس النواب.
فما الموقف الحالي لمشروع القانون؟
– المؤكد أن مشروع القانون مازال مجرد مشروع أقره مجلس النواب، وهو في انتظار استكمال إجراءات الإرسال والإبلاغ والدراسة في رئاسة الجمهورية، قبل التوقيع عليه أو الاعتراض عليه.
ولا يترتب على المشروع حاليا أي آثار، ولا يجوز الاحتجاج به في مواجهة الأشخاص أو في المحاكم.
ما سيناريوهات رفض رئيس الجمهورية لمشروع القانون؟
– لا يمكن قراءة المادة 123 من الدستور بمعزل عن المادة 177 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادرة بالقانون رقم 1 لسنة 2016.
فبعد موافقة مجلس النواب نهائيا على مشروع القانون، ثم إبلاغ رئيس الجمهورية به. تبدأ فترة الـ30 يوما المخصصة لدراسة رئيس الجمهورية.
1- إذا انقضت هذه الفترة بدون إصدار القانون، أو إعادته لمجلس النواب: يعتبر قانونا ويصدر. وهذه حالة لم تحدث على الإطلاق من قبل.
2- إذا اعترض رئيس الجمهورية خلال فترة الدراسة وأرسل إلى مجلس النواب الاعتراض، يعقد المجلس جلسة عاجلة، يجوز أن يدعو إليها رئيس الوزراء، ويحيل الاعتراض والبيانات المتعلقة به إلى اللجنة العامة لدراسته.
3- إذا أصر مجلس النواب على مشروع القانون حتى بعد اعتراض رئيس الجمهورية عليه، يصوّت عليه ويصدر بأغلبية ثلثي الأعضاء.
4- يجوز لمجلس النواب الاستجابة لاعتراض رئيس الجمهورية ويعيد مناقشة مشروع القانون. وقد حدث ذلك من قبل عام 2018 عندما اعترض الرئيس السيسي على مشروغ قانون البحوث الطبية الإكلينيكية واستجاب له مجلس النواب وصدر لاحقا بعد تعديلات واسعة بالقانون رقم 214 لسنة 2020.
ومادامت العبرة بموعد إرسال مشروع القانون من مجلس النواب إلى رئيس الجمهورية، هل هناك فترة معينة يجب أن تفصل بين موافقة المجلس نهائيا على المشروع وإبلاغ رئيس الجمهورية به؟
– لم ينص الدستور أو اللائحة الداخلية لمجلس النواب على مواعيد في هذا الشأن.
= وبالتالي يبقى هذا الإجراء سلطة تقديرية لمجلس النواب، فقد يرسل المجلس المشروع بعد إقراره سريعا إلى رئيس الجمهورية، وقد يتأخر بضعة أيام، أو فترة أطول. إذ تتطلب بعض المشروعات وقتا لإعداد نسخها النهائية بعد آخر التعديلات التي تقررت في الجلسة العامة.
هل هناك سوابق لطول المدة بين موافقة مجلس النواب على المشروع وإرساله للرئيس ثم إصداره رسميا؟
– توجد العديد من السوابق نورد بعضها مع التأكيد على أنها جميعا لم تتجاوز فترة الـ30 يوما المقررة للدراسة والاعتراض من تاريخ إرسال المشروع إلى رئيس الجمهورية:
* قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي رقم 149 لسنة 2019: أقره مجلس النواب 15 يوليو وصدر 19 أغسطس 2019.
* قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020: أقره مجلس النواب 20 يوليو وصدر 15 سبتمبر 2020.
* قانون التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي رقم 171 لسنة 2023: أقره مجلس النواب 11 يوليو وصدر 31 أغسطس 2023.
* قانون جهاز الأموال المستردة رقم 6 لسنة 2024: أقره مجلس النواب 14 يناير وصدر 20 فبراير 2024.
* قانون التأمين الموحد رقم 155 لسنة 2024 – أقره مجلس النواب 20 مايو وصدر 9 يوليو 2024.
* قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025: أقره مجلس النواب 15 أبريل وأرسل للرئيس 22 أبريل وصدر 3 مايو 2025 (لاحظ مدة أسبوع بين الموافقة والإبلاغ)
= ويتبين مما سبق أنه من الشائع تأخر إبلاغ الرئيس بمشروعات القوانين، مما يطيل الفترة الفاصلة بين إقرارها نهائيا من البرلمان وإصدارها.
= وهذا ما كان يُنتظر تلافيه في أزمة الإيجار القديم، نظرا لارتباط تطبيق حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان تثبيت الأجرة بموعد فض دور الانعقاد.
وما الوضع في ظل غياب القانون المنظم للفترة الانتقالية حتى الآن؟
– بدأ تطبيق أثر الحكم من اليوم التالي لفض دور الانعقاد، أي بتاريخ 10 يوليو. حيث صدر قرار جمهوري بفض دور الانعقاد في 9 يوليو.
= وبموجب تطبيق حكم “الدستورية” يجوز للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين من ملاك العقارات توجيه إنذارات للمستأجرين لزيادة الأجرة، تمهيدا لإقامة دعاوى لتحديد الأجرة وفقا لتقدير المحكمة والظروف السوقية.
= وتشهد العديد من الحالات توجيه إنذارات تهديدية بفسخ العقد أو إخلاء العين المؤجرة، مما يؤدي إلى حالة عامة من الارتباك. ولكن لم تصدر المحاكم المدنية المختصة أي أحكام بهذا الشأن حتى الآن لضيق الوقت.
= ولا يترتب على تطبيق حكم “الدستورية” بذاته إخلاء العين أو فسخ العقد، إذ أن الحكم لم يتطرق إلى هذه المسألة ولم ينص على بطلان العلاقة الإيجارية.
= وبالطبع يجوز لطرفي العلاقة الإيجارية التفاوض في أي وقت لزيادة القيمة، وتلافي وجه القصور الدستوري في عقود الإيجار القديم.