صحف وتقارير

الليلة التي ابتلعت 10 أيام: قصة تقويم غيّر وجه الزمن”

جريدة الصو ت

بقلم: أشرف ماهر ضلع 

هل تخيلت يوماً أن تستيقظ من النوم فتجد أن عشرة أيام كاملة قد اختفت من عمرك؟ هذا ليس خيالاً علمياً، بل حقيقة تاريخية وقعت بالفعل في أربع دول أوروبية عام 1582، حين قررت إيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال شطب عشرة أيام من تقاويمها دفعة واحدة، في لحظة فارقة من التاريخ.

في ليلة الرابع من أكتوبر من العام المذكور، نام ملايين المواطنين على تاريخ مألوف، ليستيقظوا في صباح اليوم التالي على ما بدا وكأنه “قفزة زمنية”، إذ أصبح التاريخ مباشرة هو 15 أكتوبر، وكأن أيام الخامس حتى الرابع عشر لم تكن موجودة قط. فلم يولد أحد، ولم يمت أحد، ولم يتزوج أحد في تلك الدول خلال هذه الفترة، التي مسحت من سجلات الزمن الرسمي.

جاء هذا التغيير الجذري نتيجة اعتماد “التقويم الغريغوري” الجديد، الذي أطلقه بابا الفاتيكان غريغوري الثالث عشر، لتصحيح خطأ فلكي متراكم في “التقويم اليولياني” الذي أرساه يوليوس قيصر منذ العام 45 قبل الميلاد. فرغم أن الفارق بين التقويمين لا يتجاوز 11 دقيقة و15 ثانية سنوياً، إلا أنه تراكم ليصبح فرقاً زمنياً يُقدّر بعشرة أيام بعد 16 قرناً من الاستخدام.

المشكلة الأساسية ظهرت حين بدأ موعد عيد الفصح، أحد أهم الأعياد المسيحية، يخرج عن موسمه الطبيعي بسبب ذلك الخطأ، فكان لا بد من تصحيح المسار الزمني، ولو على حساب عشرة أيام من التاريخ.

ورغم أن دولًا غير كاثوليكية رفضت في البداية الاعتراف بالتعديل الجديد، فقد اضطر معظمها لاحقًا لاعتماده بعد أن أثبت “الغريغوري” دقته العلمية. فتبنته بريطانيا عام 1752، ثم روسيا بعد الثورة البلشفية، وتبعتها اليونان بعد ذلك بخمس سنوات.

قصة الأيام العشرة الضائعة ليست مجرد واقعة فلكية، بل درس إداري عميق في كيفية حل المشكلات المعقدة بقرار جريء ومدروس، يجعلنا نتأمل كيف يمكن لـ”شحطة قلم” أن تعيد ترتيب الزمن وتضبط عقارب الحياة على إيقاع أكثر دقة وعدلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock