صحف وتقارير

الخليفة الراشد وسارية بن زنيم

جريدة الصوت

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله حقا فهو الودود خفي الألطاف، المنان بنعم متعددة الألوان والأصناف، الكريم، المجيب، المؤمن لكل من إرتاع وخاف، اللطيف في بلائه ولو كان من العبد إسراف، القريب المحب لمن دعاه بإلحاح وإلحاف، نحمده تبارك وتعالى ونسأله النجاة مما نخشى ونخاف، ونعوذ بنور وجهه الكريم من الجدل والإسفاف، ونرجوه الصلاح والإستقامة دون مواربة أو التفاف، وأن يجنبنا بفضله الفساد والإتلاف، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة حق وإنصاف، شهادة شهدت بها شخوصنا وظلالنا والأعضاء منا والأطراف، شهادة أقرت بها الطيور، والأسماك في البحور، وكذا اللآلئ والأصداف، هي نشيد الموجودات، ومن أجلها قامت السموات، والإقرار بها كاف وشاف، هي نور البصائر، وبحقيقتها قوام الأعراض والجواهر، وإنكارها ظلم وإجحاف.

هي نفي وإثبات، تدل على وحدانية الذات، مع تعدد الأوصاف، دليلها عبير الورود، ونسيمها أنفاس الوجود، وبالدفاع عنها عز الأسلاف، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، المتحقق بكمال الأوصاف، عفيف اللسان، فائق الحنان، سريع الإنعطاف، سامق القمم، متعدد الهمم، موطأ الأكناف، عظيم خُلقه، وحي نطقه، جعل رزقه تحت ظل الرمح والأسياف، وطيء الفراش، بسيط اللباس، عيشه الكفاف، مركبه البعير، سريره الحصير، يلبس النعل والخفاف، بالقناعة قد أمر، وبالزهد قد إشتهر، وما إمتلأت بطعامه الصحاف، محسن إذا أسر، عفو إذا قدر، لا ينقض الأحلاف، ابتُلي بفقد الأولاد فصبر، ورحب بالموت إذ حضر، كأنه يوم الزفاف، كلامه در منظوم، ولمساته تسعد المحروم، وريقه شهد صاف، حوضه زلال ورواء، وكأسه سلسل وشفاء.

وشفاعته للجمع إسعاف، سيد الكل والجميع، وأول متكلم وشفيع، ليس في ذا شك ولا خلاف، أمرنا بالصلاة والسلام عليه، والتأدب في الوقوف بين يديه، وغضّ الصوت بلا إستخفاف، اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الأشراف، فوق ما خطه قلم مادح أو أضاف، وكلما سعى عبد إلى البيت أو طاف، وطالما كان في الكون أضواء وأطياف أما بعد قيل أن سارية بن زنيم قصد بلاد فسا ودارابجرد ، فإجتمع له جموع عظيمة من الفرس والأكراد ورأي المسلمون منهم أمر عظيم وجمع كثير، فرأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في تلك الليلة فيما يرى النائم معركتهم وعددهم في وقت من النهار، وأنهم في صحراء، وهناك جبل إن إستندوا إليه لم يؤتوا إلا من وجه واحد، فنادى من الغد الصلاة جامعة، حتى إذا كانت الساعة التي رأى أنهم إجتمعوا فيها.

خرج إلى الناس وصعد المنبر فخطب الناس وأخبرهم بصفة ما رأى، ثم قال يا سارية، الجبل الجبل، ثم أقبل عليهم، وقال إن لله جنودا، ولعل بعضها أن يبلغهم، قال ففعلوا ما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فنصرهم الله تعالي على عدوهم، وفتحوا البلد، وكما قيل أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ قال يا سارية بن زنيم، الجبل الجبل، فلجأ المسلمون إلى جبل هناك، فلم يقدر العدو عليهم إلا من جهة واحدة، فأظفرهم الله بهم، وفتحوا البلد وغنموا شيئا كثيرا، فكان من جملة ذلك سفط من جوهر، فاستوهبه سارية من المسلمين لعمر رضي الله عنه، فلما وصل إليه مع الأخماس، قدم الرسول بالخمس فوجد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قائما في يده عصا، وهو يطعم المسلمين سماطهم، فلما رآه عمر قال له اجلس ولم يعرفه، فجلس الرجل فأكل مع الناس.

فلما فرغوا انطلق عمر إلى منزله، وأتبعه الرجل، فاستأذن فأذن له، وإذا هو قد وضع له خبز وزيت وملح، فقال ادنو فكل، قال فجلست، فجعل يقول لامرأته ألا تخرجين يا هذه فتأكلين ؟ فقالت إني أسمع حس رجل عندك، فقال أوما ترضين أن يقال أم كلثوم بنت علي وامرأة عمر، فقالت ما أقل غناء ذلك عني، ثم قال للرجل ادنو فكل، فلو كانت راضية لكان أطيب مما ترى، فأكلا، فلما فرغا، قال أنا رسول سارية بن زنيم يا أمير المؤمنين، فقال مرحبا وأهلا، ثم أدناه حتى مست ركبته ركبته، ثم سأله عن المسلمين، ثم سأله عن سارية بن زنيم فأخبره، ثم ذكر له شأن السفط من الجوهر، فأبى أن يقبله وأمر برده إلى الجند، وقد سأل أهل المدينة رسول سارية عن الفتح فأخبرهم، فسألوه هل سمعوا صوتا يوم الوقعة ؟ قال نعم سمعنا قائلا يقول يا سارية، الجبل وقد كدنا نهلك فلجأنا إليه ففتح الله علينا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock